التوسل
س5: ما حكم النذر، والتبرك بالقبور، والأضرحة، والتوسل والاستشفاع بها، وطلب العون من أهلها، وهل التوسل من مسائل العقيدة أو من مسائل الفقه؟
جـ5: هذه من مسائل العقيدة والعبادة، لأن النذر عبادة لا تجوز إلا لله عز وجل وكل من صرف شيئًا من أنواع العبادة لغير الله، فإنه مشرك كافر، قد حرم الله عليه الجنة، ومأواه النار، قال الله تعالى: }إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ{ [المائدة: 72].
وأما التبرك بها: فإن كان يعتقد أنها تنفع من دون الله عز وجل فهذا شرك في الربوبية مخرج عن الملة، وإن كان يعتقد أنها سبب، وليست تنفع من دون الله، فهو ضال غير مُصيب، وما اعتقده فإنه من الشرك الأصغر.
فعلى من ابتلي بمثل هذه المسائل أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يقلع عن ذلك قبل أن يفاجئه الموت، فينتقل من الدنيا على أسوأ حال، وليعلم أن الذي يملك الضر والنفع هو الله سبحانه وتعالى وأنه هو ملجأ كل أحد، كما قال الله: }أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ{ [النمل: 62]. وبدلاً من أن يتعب نفسه في الالتجاء إلى قبر فلان وفلان، ممن يعتقدونهم أولياء، ليلتفت إلى ربه عز وجل وليسأله جلب النفع ودفع الضر، فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي يملك هذا.
وبالنسبة للتوسل فهو داخل في العقيدة، لأن المتوسل يعتقد لهذه الوسيلة تأثيرًا في حصول مطلوبه، ودفع مكروهه، فهو في الحقيقة من مسائل العقيدة، لأن الإنسان لا يتوسل بشيء إلا وهو يعتقد أن له تأثيرًا فيما يُريد.
والتوسل بالصالحين ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: التوسل بدعائهم فهذا لا بأس به، فقد كان الصحابة رضزان الله أجمعين يتوسلون برسول الله صلى الله عليه وسلم ، بدعائه، يدعو الله لهم فينتفعون بذلك، واستسقى عمر بن الخطاب رض الله عنه بعم النبي صلى الله عليه وسلم (العباس بن عبد المطلب) بدعائه.
والقسم الثاني: فهو التوسل بذواتهم، فهذا ليس بشرعي، بل هو من البدع من وجه، ونوع من الشرك من وجه آخر، فهو من البدع لأنه لم يكن معروفًا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهو من الشرك لأن كل من اعتقد في أمر من الأمور أنه سبب، ولم يكن سببًا شرعيًا، فإنه قد أتى نوعًا من أنواع الشرك، وعلى هذا لا يجوز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم، مثل أن يقول: أسألك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، إلا على تقدير أنه يتوسل إلى الله تعالى بالإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ومحبته، فإن ذلك من دين الله ينتفع به العبد، وأما ذات النبي صلى الله عليه وسلم فليست وسيلة ينتفع بها العبد، وكذلك على القول الراجح لا يجوز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن جاه النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم إنما ينتفع به النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، ولا ينتفع به غيره، وإذا كان الإنسان يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم باعتقاد أن للنبي صلى الله عليه وسلم جاهًا عند الله، فليقل: اللهم إني أسألك أن تشفِّع فيَّ نبيَّك محمدًا صلى الله عليه وسلم ، وما أشبه ذلك من الكلمات التي يدعو بها الله عز وجل.




0 komentar:

Mari berdiskusi...

--------------------------------------------------------------------

Awali dengan bismillah sebelum memberi komentar...

--------------------------------------------------------------------