فضل التوحيد والتحذير مما يضاده
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
أخي في الله، إليك كلمات موجزة عن فضل التوحيد والتحذير من ضده وما ينافيه من أنواع الشرك والبدع ما كان منها كبيرًا أو صغيرًا، إن التوحيد هو أول واجب دعا إليه الرسل، وهو أصل دعوتهم قال تعالى: }وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ{ [النحل: 36] والتوحيد هو أعظم حق لله تعالى على عبيده ففي الصحيحين من حديث معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا»؛ فمن حقق التوحيد دخل الجنة ومن فعل أو اعتقد ما ينافيه ويناقضه فهو من أهل النار، ومن أجل التوحيد أمر الله الرسل بقتال أقوامهم حتى يعتقدوه، قال صلى الله عليه وسلم r: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله» [متفق عليه]، وتحقيق التوحيد سبيل السعادة في الدنيا والآخرة. ومخالفته سبيل للشقاوة، وتحقيق التوحيد سبيل لاجتماع الأمة وتوحيد صفوفها، وكلمتها، والخلل في التوحيد سبب الفرقة والتشتت.
واعلم أخي – رحمني الله وإياك - أنه ليس كل من قال لا إله إلا الله يكون موحدًا، بل لا بد من توفر شروط سبعة ذكرها أهل العلم:
1- العلم بمعناها والمراد منها نفيًا وإثباتًا، فلا معبود بحق إلا الله تعالى.
2- اليقين بمدلولها يقينًا جازمًا.
3- القبول لما تقتضيه هذه الكلمة بقلبه ولسانه.
4- الانقياد لما دلت عليه.
5- الصدق، فيقولها بلسانه ويوافق ذلك قلبه.
6- الإخلاص المنافي للرياء.
7- حب هذه الكلمة وما اقتضته.
أخي المسلم: وكما يجب علينا تحقيق التوحيد وتوفير شروط لا إله إلا الله، فيجب علينا أن نخاف من الشرك ونحذره بجميع أنواعه وأبوابه ومداخله أكبره وأصغره، فإن أعظم الظلم الشرك، والله يغفر للعبد كل شيء إلا الشرك، ومن وقع فيه فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار قال تعالى: }إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ{ [النساء: 48].
وإليك يا أخي بعض ما ينافي التوحيد أو يخل به كما ذكرهم أهل العلم لتكون على حذر منها:
1- لباس الحلقة والخيط أيًا كان نوعها من صفرٍٍ أو نحاس أو حديد أو جلد لرفع بلاء أو دفعه فهو من الشرك.
2- الرقى البدعية والتمائم، والرقى البدعية هي: المشتملة على الطلاسم والكلام غير المفهوم، والاستعانة بالجن في معرفة المرض أو فك السحر، أو وضع التمائم وهو: ما يعلق على الإنسان والحيوان من خيط، أو ربطة سواء كان مكتوبًا من الكلام البدعي الذي لم يرد في القرآن والسنة أو حتى الوارد فيهما – على الصحيح – لأنها من أسباب الشرك قال صلى الله عليه وسلم: «إن الرقى –  أي الشركية – والتمائم والتولة شرك» [رواه أحمد وأبو داود].
ومن ذلك: تعليق ورقة أو قطعة من النحاس أو الحديد في داخل السيارة فيها لفظ الجلالة أو آية الكرسي، أو وضع مصحف في داخل السيارة واعتقاد أن ذلك يحفظها ويمنع عنها الشر من عين أو نحوها.
ومن ذلك: وضع قطعة على شكل كف أو مرسوم فيها عين فلا يجوز وضعه حيث يعتقد فيه دفع العين قال صلى الله عليه وسلم: «من تعلق شيئًا وُكِلَ إليه» [رواه أحمد والترمذي والحاكم].
3- ومما يخل بالتوحيد التبرك بالأشخاص والتمسح بهم وطلب بركتهم، أو التبرك بالأشجار والأحجار وغيرها وحتى الكعبة فلا يتمسح بها تبركًا، قال عمر بن الخطاب t وهو يقبل الحجر الأسود: «إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع؛ ولولا أني رأيت رسول الله r يقبلك ما قبلتك».
4- ومما ينافي التوحيد الذبح لغير الله كالأولياء والشياطين والجن لجلب نفعهم أو دفع ضرهم فهذا من الشرك الأكبر، وكما لا يجوز الذبح لغير الله، لا يجوز الذبح في مكان يذبح فيه لغير الله ولو كان قصد الذابح أن يذبح لله عز وجل وذلك سدًا لذريعة الشرك.
5- ومن ذلك النذر لغير الله فالنذر عبادة لا يجوز أن تصرف لغير الله سبحانه وتعالى.
6- ومن ذلك الاستعانة والاستعاذة بغير الله، قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: «وإذا استعنت فاستعن بالله، وإذا سألت فاسأل الله...» وبذلك تعلم المنع من دعاء الجن.
7- ومما يخل بالتوحيد الغلو بالأولياء والصالحين، ورفعهم عن منزلهم وذلك بالغلو في تعظيمهم، أو رفع منزلتهم إلى منزلة الرسل، أو ظن العصمة فيهم.
8- ومما ينافي التوحيد الطواف بالقبور، فهو من الشرك، ولا تجوز الصلاة عند القبر لأنها وسيلة إلى الشرك فكيف بالصلاة لها وعبادتها والعياذ بالله؟!
9- ولحماية التوحيد جاء النهي عن البناء على القبور وجعل القباب والمساجد عليها وتجصيصها.
10- ومما ينافي التوحيد، السحر وإتيان السحرة والكهنة والمنجمين ونحوهم، فالسحرة كفار ولا يجوز الذهاب إليهم ولا يجوز سؤالهم، أو تصديقهم، وإن تسموا بالأولياء والمشايخ ونحو ذلك.
11- ومما يخل بالتوحيد الطيرة وهي التشاؤم بالطيور أو بيوم من الأيام أو بشهر أو بشخص، كل ذلك لا يجوز، فالطيرة شرك كما جاء في الحديث.
12- ومما يخل بالتوحيد التعلق بالأسباب كالطبيب والعلاج والوظيفة وغيرها وعدم التوكل على الله، والمشروع هو أن نبذل الأسباب كطلب العلاج والرزق لكن مع تعلق القلب بالله لا بهذا السبب.
13- ومما يخل بالتوحيد التنجيم واستعمال النجوم في غير ما خلقت له، فلا تستخدم في معرفة المستقبل والغيب وكل هذا لا يجوز.
14- ومن ذلك الاستسقاء بالنجوم والأنواء والمواسم واعتقاد أن النجوم هي التي تقدم المطر أو تؤخره، بل الذي ينزل المطر ويمنعه هو الله فقل: «مطرنا بفضل الله ورحمته».
15- ومما ينافي التوحيد صرف شيء من أنواع العبادة القلبية لغير الله مثل صرف المحبة المطلقة أو الخوف المطلق للمخلوقات.
16- ومما يخل بالتوحيد الأمن من مكر الله وعذابه أو القنوط من رحمة الله، فلا تأمن من مكر الله ولا تقنط من رحمته، فكن بين الخوف والرجاء.
17- ومما يخل بالتوحيد عدم الصبر على أقدار الله والتجزع ومعارضة القدر بمثل قولهم: «لماذا يا الله تفعل بي كذا، أو بفلان كذا، أو لماذا كل هذا يا الله». ونحو ذلك من النياحة، وشق الجيوب ونثر الشعر.
18- ومن ذلك الرياء والسمعة وأن يريد الإنسان بعمله الدنيا.
19- ومما ينافي التوحيد طاعة العلماء والأمراء وغيرهم في تحريم الحلال أو تحليل الحرام، فإن طاعتهم نوع من الشرك.
20- ومما يخل بالتوحيد قول «ما شاء الله وشئت» أو قول «لولا الله وفلان» أو «توكلت على الله وفلان» فالواجب استعمال «ثم» في جميع ما سبق لأمره صلى الله عليه وسلم لهم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: «ورب الكعبة»، وأن يقولوا: «ما شاء الله ثم شئت» [رواه النسائي].
21- ومما يخل بالتوحيد سب الدهر والزمان والأيام والشهور.
22- ومما ينافي التوحيد، السخرية بالدين أو الرسل أو القرآن أو السنة، أو السخرية بأهل الصلاح والعلم، لما يحملونه من السنة وظهورها عليهم من إعفاء اللحية أو السواك أو تقصير الثوب عن الكعبين، ونحو ذلك.
23- ومنها التسمية بـ «عبد النبي» أو «عبد الكعبة» أو «عبد الحسين» وكل هذا لا يجوز بل تكون العبودية لله وحده كقولنا: «عبد الله»، و«عبد الرحمن».
24- ومما يخل بالتوحيد تصوير ذوات الأرواح ثم تعظيم هذه الصورة، وتعليقها على الجدار وفي المجالس وغير ذلك.
25- ومما ينافي التوحيد وضع الصلبان ورسمها أو تركها موجودة على اللباس إقرارًا لها، والواجب كسر الصليب أو طمسه.
26- ومما ينافي التوحيد موالاة الكفار والمنافقين بتعظيمهم واحترامهم وإطلاق لفظ «السيد» عليهم والحفاوة بهم ومودتهم.
27- ومما ينافي التوحيد ويناقضه، الحكم بغير ما أنزل الله وتنزيل القوانين منزلة الشرع الحكيم باعتقاد أحقية القانون في الحكم، أو أن القانون مثل الشرع، أو أنه أحسن من الشرع وأنسب للزمن، ورضا الناس بذلك داخل في هذا الحكم.
28- ومما يخل بالتوحيد الحلف بغير الله مثل الحلف بـ «النبي» أو «الأمانة» أو غير ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» [رواه الترمذي وحسنه].



0 komentar:

Mari berdiskusi...

--------------------------------------------------------------------

Awali dengan bismillah sebelum memberi komentar...

--------------------------------------------------------------------